يتعرّض الإسلام في وقتنا الحاضر لكثيرٍ من الإساءات من قبل الغرب الحاقد الذي يرى في الإسلام وأهله ماردًا يوشك أن يستيقظ من نومه ليحطّم أصنام الجاهليّة الجديدة ويعلي راية الأخلاق والدّين من جديد. يدعي الغرب أنّ الإسلام دين للإرهاب والخوف، وأنّ المسلمين غير متسامحين في تعاملاتهم مع غيرهم من أصحاب الدّيانات الأخرى، وقد غرّ هؤلاء النّفر وتلك الدّول ما يشاهدونه من أعمال إرهاب تقوم بها مجموعات تنتمي إلى الإسلام شكلًا وهي بعيدة عن قيمه وأحكامه الغرّاء، فكيف للمسلمين أن يثبتوا أنّ الإسلام هو دين التّسامح بحقّ ؟ التّسامح بعث الله سبحانه وتعالى نبيّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام في مكّة ليدعو النّاس إلى الإيمان برسالته الخاتمة، وقد تعرّض النّبي ومن آمن معه إلى شتّى صنوف العذاب واضطهدوا سنوات، وحوصروا في شعاب مكّة حتّى شاء الله أن يمكّن أمر هذا الدّين وتعلوا رايته. قد كان الفتح الأوّل للمسلمين حينما دخلوا مكّة فاتحين ليقف النّبي الكريم على رؤوس صناديد كفّار قريش وزعمائها الذين ساموا المسلمين من قبل سوء العذاب ويقول لهم بلسان المتسامح، ماذا تظنون أنّي فاعل بكم ؟ قالوا: أخٌ كريم وابن أخ كريم، فقال : اذهبوا فأنتم الطّلقاء، وقد كانت هذه الكلمة حقيقةً أوّل معولٍ للتّسامح يطرق على مسامع الظّالمين لتؤذن عقيدة التّسامح بعد ذلك بتأسيس الدّولة الإسلاميّة الأولى على أسس التّسامح والعفو بين المسلمين أنفسهم وبينهم وبين غيرهم. حرص النّبي الكريم على توطيد العلاقات بين المسلمين وسكّان المدينة من اليهود في المدينة المنوّرة، وعلى الرّغم من علم النّبي بكيد اليهود ومكرهم إلا أنّه أسّسّ تعامله معهم على قاعدة التّسامح، وإن استثنى من تلك القاعدة مواقف اتخذ فيها الحزم عندما غدر اليهود بالمسلمين وحاولوا قتل النّبي الكريم. التّسامح منهج الإسلام على مرّ العصور إنّ المتأمّل في آيات القرآن الكريم وأحاديث السّنّة النّبويّة المطهّرة ليدرك حقيقة سماحة الدّين في كلّ مظاهره، فالمسلم مأمورٌ بالتّعامل مع غيره والإحسان لهم والقسط والعدل في التّعامل معهم ماداموا سلميّين في تعاملهم لا يظهروا العداوة والبغضاء للمسلمين. كما أنّ المسلم في تعامله مع المسلمين مأمورٌ بأن يكون سمحًا في بيعه وشرائه، وفي عفوه عمّن أساء إليه، وفي صفحه عمّن ظلمه، وقد مثل تاريخ الإسلام عبر مراحله المختلفة أروع صور التّسامح، فعندما حرّر صلاح الدين الأيوبي فلسطين عامل أهلها بالحسنى والتّسامح على الرّغم من أنّ الصّليبيّين عندما دخلوا القدس قتلوا الآلاف من المسلمين بسيوف الحقد والغدر الأعمى
Enjoy the vote and reward!